مررت بالأمس بموقف كبير , يسيطر على كل جوارحى , يسيطر على كل عقلى
بالأمس وأنا فى العيادة أتانى طفل, وما أن دخل عليا لاحظت شيئا غريبا عيناه تبحث فى كل مكان وفى كل زاوية , وتلمح ذكاء متوقد , دخل عليا دخلة الرجال الواثقين من أنفسهم فبادرته عن السؤال عن عمره فكانت عشرة و7 أشهر ,
فقلت ما فيش بابا ولا ماما , فقال لى أنا لوحدى
فقلت له طب أنت قطعت التذكرة لوحدك قالى اه قلتله طب إنت جيت ليه ايه اللى واجعك فقال لى أنا كويس والحمد لله بس عاوز حاجتين سؤال فى العناية بالمشلول
والثانى إزاى أكون دكتور كبير أد الدنيا زيك .
فقلت مين المشلول قال أبويا فبدأت أستفسر عن كل صغيرة وكبيرة حتى عرفت
أنه الولد الكبير وله أخت صغيرة عمرها 5 سنوات بيأكلها ويرعاها , ووالدته لديها سرطان فى الدم والعظم , وباباه عنده شلل رباعى , ولا يزورهم أقارب و لا أصدقاء وهو من يعتنى بهم ويقوم بالبيت بأكمله وهو من ينظف المخرجات لأبيه
ولما سألته عن الفلوس فقال جارهم بيقبض لوالده 100 جنيه ولمامته 120 جنيه وبيعطيه لذلك الطفل ولا دخل أخر ,ورفض بشدة فى أخر الحديث المال الذى أعطيته .
فما كان منى إلا أن حاولت بائسا أن أحبس دمعة , وأخذته فى حضنى فوجدته هو الأخر يدمع لانه فى حياته ما أخذه أحدا فى حضنه وهنا خرت قوتى وبالفعل دمعت وقبلته .
قالى أنا عاوز أكون دكتور أعمل ايه أنا بذاكر كثير- بس المدرسين مش مهتمين بيا لأنى أسمر وماعنديش ملابس مدرسة - , والسبب لأنه يريد ان يبنى مستشفى أد اللى أنا فيها ويعالج كل اللى عندهم سرطانات وكل المشلولين اللى موجودين فى مصر .
فشعرت بصغر نفسى وطموحى , فقلت له أنا هاجى معاك أكشف على بابا وماما فقال لى انه يسكن فى مساكن الزلزال فقلت له إنها بعيدة جدا جيت إزاى قال على رجلى فقلت له طب ليه ما ركبتش مواصلات قال لى علشان أوفر فى الفلوس .
شعرت أد ايه أنا صغير أمام هذا الطفل الذى يملك عزيمة تفوق الرجال الشداد .
مخيلت هذا الطفل لا تغادر عيناى , سبحان الله يضع قدرته فى صغار خلقه .