2010-09-16

نريد مصرا عظيمة - قضية التعليم – 1.2

الأسباب الحقيقية للتدهور

ومما سبق – المقال السابق - ألا يكون جديرا إعادة البحث عن الأسباب الحقيقية لنخرج من مأزقنا الذى طال و سئمت منه النفس .
فى الحقيقة تلك الأسباب أو التى على شاكلتها ما هى إلا أعراض بمفهوم الطب لثلاث أسباب عضال والذى يدخل ضمن النظرية السببية وهى الأسباب التى أفضت للضياع والتناحر الذى نعيشه فى شتى مظاهر الحياة وتجليات الإنحطاط الإقتصادى والسياسى والإجتماعى والثقافى, و سأسرده بشىء من التفصيل :
1. غياب الأيدلوجية الإسلامية سواء من قبل النخبة أو المجتمع :
فأغلب الدعاة الحاليين لا يرقون إلى الدعوة للإسلام المعتدل المنفتح على العالم , المنضبط بثوابت الشرع والدين , وقد أسردت هذا بشكل تفصيلى فى سلسلة من المقالات تحت عنوان لغة التوازن , كما أن اللبس بين دور الدين فى السياسة ودور السياسة فى الدين أضاف لحالة التشتت وعدم المصداقية .
وأريد أن ألقى نظرة ثاقبة من خلال قراءة التاريخ , نهض العرب تحت مفهوم الأيدلوجية الإسلامية كسمة مميزة لتلك المنطقة بشكل خاص – نستثنى من ذلك الدول الإسلامية الأخرى خاصة فى جنوب شرق أسيا – وقد أراد الله أن يربط بين الشخصية العربية والإلتزام الدينى كسبيل للتفوق , وذلك للمسئولية القائمة على عاتقه المتمثلة فى حفظ الدين الإسلامى خاصة فى وجه الأعداء المعروفين والتقليديين فى نفس الوقت, وبالتالى فإن أى نهضة عربية بدون أيديولوجية إسلامية معتدلة وٍَِهْمٌ سيالحقنا حتى ندرك حقيقة الأمر .
كما أن العرب لم يتحد يوما إلا تحت لواء الأيديولوجية الإسلامية بمن فيهم المسيحية الأرثوذكسية والتى لم تزدهر ولن تزدهر إلا تحت لواء الإسلام .
وبالتالى فإن النتيجة لضعف الهوية الإسلامية وإستبدالها بالقومية العربية سببا أساسيا فى حالة الضياع والتناحر .


2. غياب المنهج الفكرى القائم على العلم :
وهى نتاج لعدة أسباب منها :
الموروث الثقافى وبعض العادات والتقاليد – البعض لا الكل - والسلوكيات المكتسبة الغير سليمة الممتدة عبر قرون ماضية :
والتى تكرس مفهوم الصمت , وعدم الدفاع عن الرأى وعدم قبول الأخر وإنكار التنوع ,والإنصياع لمفاهيم المجتمع مما يسقط من أى محاولة أو مبادرة للتفكير الإبداعى أو التفكير القائم على منهجية علمية والذى بدوره أدى للتبعية والإنهزامية وعدم الثقة فى النفس والتى هى من أخطر الأمراض النفسية والتى بها يسقط الإنسان فريسة لتدمير نفسه قبل أن يدمر من الخارج .
مما أدى لتكريس الإستبداد وإلغاء تواجد المجتمع فى عقل القادة الذين يتولون زمام الأمور , ومنها تدهور كافة أوجه الحياة.

3. النخبة العربية المريضة :
للأسف تلك النخبة فى بداية حياتها سقيت من المجتمع المتشكل فى السبيين السابقين , مما أدى لتشوهها , ولكن الأهم أنها إرتمت فى أحضان الغرب بإرادتها أو بدون إرادتها , بل أنها سقيت بمفاهيم وثقافات تتعارض فى كثير من الأحيان مع الخاصية المميزة للأيديولوجية الإسلامية مثل الإقتصاد الرأسمالى والقانون ومفاهيم الحكم و غيرها .
مما جعل تلك النخبة تائهة مشتته تميل للمفاهيم الغربية لتسيير الحياة بشكل عام , والمحلل لنفسية القرارت التى تصدر من حكامنا وحكوماتنا ندرك مدى الصراع الذى تعانى منه بين الواجب والواقع , بين الموروث والمكتسب , بين الأيديولوجيات المتداخلة الغير موجهه والمتعارضة فى أغلب الأوقات .
وبالتالى وبعد كل ما سبق هل هناك بديل عن تعليم متميز منفتح منضبط كسبيل لتغيير العقلية العربية . هذا هو الحل الأمثل ومن هنا سننطلق إلى باقى المقالات لرصد حالة التعليم وسبل إنتشاله من الوهن والضياع .

2010-09-12

نريد مصرا عظيمة - قضية التعليم - 1.1

مقدمة


الجميع متفق على أهمية التعليم لتحقيق النهضة المرتقبة للدولة المصرية بشكل خاص وللدول العربية بشكل عام ,إلا أنى سأطرح تأكيدا على مبدأ الأولوية القصوى للتعليم بناءا على نظرة ثاقبة متعمقة للشخصية المصرية والعربية .
أعراض المشكلة :
فلنفكر معا , هل الأسباب التى تطرح لتفسير حالة التراجع على كافة مستويات الدولة صحيحة , هل هى غياب الديمقراطية عن الأنظمة العربية أم لدواعى سياسية أم لظروف الأمكانيات أم لتبعية الإقتصاد !!.
هل لو توافرت الديمقراطية لشخصية المجتمع الحالى هى الحل للخروج من أزمتنا , الأجابة بشكل قطعى لا ,فلا ديمقراطية بدون بشر يحرصون عليها ويؤمنون بها.
هل الدواعى السياسية مثل تبعات الإستعمار وغرس الكيان الصهيونى فى قلب الوطن العربى هى السبب , بالتأكيد لا فالغرب بشكل عام ما كان يستطيع وأد أى مبادرة للتنمية , لولا الحالة التى تعيشها المجتمعات العربية حتى من قبل الإستعمار ووجود النبت الشيطانى الصليبى بزمن بعيد ثم الصهيونى, ولنمعن النظر فى حالة التشرذم العربية فى العراق واليمن ولبنان والسودان والمغرب والجزائر وبين الأنظمة العربية ككل وجيرانها, ولننظر للتجربة اليابانية والماليزية على سبيل المثال وسنعرف كيف نعلق أخطاءنا على شماعة غيرنا كما يقال فى المثل الشعبى لعدم جلد الذات ,وبالتالى فالمؤامرة الغربية ليست كافية كتفسير لسبب حقيقى , خاصة أن تضخيمها أتت من قبل الأنظمة الحاكمة لتبرير فشلها المتكرر فى تغيير الواقع المؤلم .
أما عن ضعف الإمكانيات بدءا من ضعف الأجور وتدنى الخدمات إلى الإقتصاد المعتمد كليا على الخارج , مما نتج عنه ضعف فى القيم مما أدى لتدهور قيم العمل مثل الأداء والإتقان و الإنضباط و الإخلاص , فما هو إلا نتيجة فمثلا توافر مقومات المادة فى دول الخليج ساهم فى مزيد من الضعف العربى وإضافة للجانب الأجنبى , كما أن الفقر وضألة الأجور فى الهند والصين لم تمنع من قيام تلك الإقتصاديات الصاعدة والمنافسة على القمة بشراسة .
ماذا عن المستقبل :
يجب إيضاح والتركيز أن الزمن لا يتوقف ولا حتمية أو ثوابت للشىء عبر مر التاريخ , فكل شىء فى هبوط وإرتفاع , وهذه من نواميس الكون التى أوجدها المولى عز وجل .
وبالتالى فإنه لا شك وبدون أدنى ريبة أننا مقبلون على حضارة ستكون الأكبروالأعظم فى تاريخ البشرية جمعاء , خاصة إذا وثقنا فى كلام الله ومحمد صلى الله عليه وسلم , فالتقدم قادم لا محالة ولكن بشروط ملخصها العمل على عكس الأسباب الحالية لتؤدى بنا إلى النتائج المأمولة بإذن الله تعالى , ومن ثم تأتى الديمقراطية الحقيقة لا الغربية ويبنى الإقتصاد القوى والتطور الثقافى والعلمى المرموق الذى سيتربع على عرش الكرة الأرضية , وليس هذا كلامى فحسب بل كلام الله عز وجل, وسيعيش المسلمين وكل من يقيمون معهم فى أمن وسلام بل وسيهنأ العالم أجمعه بالأمة الإسلامية لما ستقدم للإنسانية من الأخلاق ومساعدة الضعفاء ومنع الجور.