2011-01-26

من مصر " تأملات فى التجربة " 1.3



الرد الفعلى الرسمى :



1- ليس من المستغرب أن هناك من المسئولين من سيخرجون ويصرحوا أن الأمر لم يخرج من نطاق قلة مراهقة عاسوا تخريبا والإحتكاك بالأمن وجرهم إلى مواجهات , وأنه لم يكن هناك تعتيم إعلامى أو إغلاق لبعض المواقع أو شبكات الإتصالات , وإدعاء أن رائهم أيدى خفية وجماعات محظورة ,وأن لا داعى للضجة المحدثة لأنها لا تستحق وهى الطريقة التى يتم التعامل مع مثل تلك الإجتجاجات .


2- إلا إن من الممكن عدم وجود رد رسمى من القيادة العليا - التجاهل الرسمى - وعلى المهتمين وضع الكثير من التكهنات إلا أن التحرك الأمثل هو مجارية مطالب الجماهير بمصداقية وأمانة خاصة المتعلقة بمحاربة الفساد وحل البرلمان و تحقيق الرفاهية وتحسين الخدمات الرئيسية ومستوى الدخول والأسعار ,وهو ما سيعمق شرعيتها من خلال التعامل المثالى مع المطالب الجماهيرية .


3- غير أن توجيه الأمن لمسار المظاهرات نحو العنف , يعطى المبرر للتعامل الحاد معهم ومنها إدارة الحوار على أساس الخسائر والنتائج السلبية على الإقتصاد , مما يعطى شرعية للتجاهل الرسمى , ولكن الشعب أصبح يدرك مثل تلك المناورات .


4- التعتيم الإعلامى – الحكومى والمستقل والدولى والذى ينم عن تنسيق مسبق لتجنب دفع الجماهير وشحذ همتها للخروج - الذى بدا فى أول الأمر إلى أن فرض أمر الواقع عكس ذلك , وحجب بعض المواقع الإجتماعية الشهيرة مثل تويتر والفيس بوك, كما يمكن التمييز بين الفارق الكبير للغة المستخدمة فى الإعلام الحكومى والإعلام شبه المستقل والإعلام الخارجى .


5- تجييش الجهود الرقابية على كل ما ينشر على الشبكة العنكبوتية ورصد الناشطين ومتابعتهم عن كثب , كما أن ميزانية وزارة الداخلية ستزداد فى ميزانية 2011 – 2012 لتتفوق على ميزانية أى وزارة أخرى , بما يسمح لها بالتوسع الأفقى – أى العددى - والرأسى – أى التكنولوجى – للتعامل مع أى نشاط قادم , وتحجيمه قبل أخذ خطوات له على أرض الواقع .


6- إلصاق هذا التحرك إلى أحد الجماعات المعارضة الغير قانونية ؛مثل الإخوان المسلمين أو الجماعة المحظورة ؛ - أى إضفاء صفة الخروج عن القانونية و التى لا تعبر عن القطاع العريض من الجماهير المصرية ؛ والتى تقلل من شان المظاهرة , وانه مجرد مراهقة سياسية لقلة لا تعبر نيابة عن الشعب .


7- رد الفعل سيكون من خلال إعطاء مزيد من سياسة التنفيس لخفض الإحتقان الداخلى بشكل عاجل – مثل خفض الأسعار و المخالفات والضرائب والسماح بالتجمهر المحدود إلخ - مع رسم الحدود التى لا يمكن تجاوزها , وهو ما تم إدارته بحرفية عالية , وهو ما يعطى احساس بقوة الدولة وقدرتها على إدارة الموقف, إلا أن هذا التنفيس لن يدوم طويلا على أغلب الظن وهو ما ستوضحه الشهور القادمة.


8- إعادة التفكير فى أى مشروع سياسى سبق أخذ قرارات فيه خاصة ومصر مقبلة على إنتخابات رئاسية هذا العام .


9- سيتم الضغط على الجهات الدينية لبيان موفقها الصورى والذى بالتأكيد لا يتوافق مع تلك المظاهرات , كما سيتم التعامل بحزم مع كل المشايخ ممن سيؤيدون تلك التحركات .


10- أن القيادات الحكومية يمكن أن تعيد فكرها فى ترتيب أوراقها بشكل يتوقع أى شىء , حيث صرح بعض الوزراء من قبل أن ما حدث من مظاهرات فى الجوار لا يمكن أن يمتد داخل مصر خاصة وأن الأمور مختلفة لحد كبير .



رد المجتمع الدولى:


11- ستتسابق الدول الغربية المؤيدة للنظام المصرى بحثها على عدم التعرض للمظاهرات السلمية وحث المتظاهرين على ضبط النفس وفى نفس الوقت دعم النظام الحليف الذى يحمى الإستقرار النسبى فى شرق أوسط مضطرب , تخوفا من صعود بعض التيارات الغير مرغوب فيها .


12- تقوم الجمعيات والمنظمات الدولية الحقوقية بالتنويه على التجاوزات , والتركيز على مسار العنف والإعتقال وطبيعة المطالب الجماهيرية فى وكالات الأنباء والإعلام الصحافى والألكترونى .




((( هذا تحليل محايد للأحداث ولا ينم من قبيل التأييد من عدمه ,


حرصا على الحيادية والموضوعية فى التحليل والنقد )))


من مصر " تأملات فى التجربة " 1.2



تكملة للتحليل فى المقال الأول


1- مؤسس الحزب الحاكم – الوطنى الديمقراطى – مصطفى كامل قال " لا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس " ,إلا أن هذه العبارة الخالدة قلبت لتصبح إمكانية الحياة مع اليأس , وهكذا تجد البعض يبادرون بالتقليل من شأن المتظاهرين وأن ورائهم أيدى خفية خارجية – التهمة الجاهزة لكل شىء - مما يضفى عليهم تهمة الإضرار بالأمن القومى وإثارة الشغب.


2- النتيجة للفراغ الحادث منذ أكثر من 30 سنة أدحض التهميش الذى حدث لما ينشر , من قبيل إدعاء إنها مراهقات شبابية فى عالم إفتراضى .


3- بالرغم من التنظيم الغير ممتاز الذى تبين من خلال المتابعة , فإن حركة المعارضة إكتسبت خطوات لا بأس بها فى مجال التنظيم التظاهرى .


4- ستزداد شهية المعارضة ورموزها والمثقفين والمفكرين المستقلين , للتعبير والتوجيه بعد رائحة اليأس التى كانت تشم من كتابتهم وإفتقارهم للحماسة وسيادة اللون الحزين من الوضع الذى يبدوا مستعصيا على الحل أو التغيير .


5- إلا أن هذا التوجه لن يخلو من المثقفين والمعارضين الإنتهازيين لتحقيق مصالح خاصة غير معلنة.


6- الجبهة الدفاعية القانونية التى تجهز للدفاع على كل من سيعتقلوا بدلا من أن يتحولوا إلى ضحايا ستمتد عواقبها إلى أخر عمر المتظاهر- حتى إشعار أخر - من خلال ما يطلق عليه ملف فى أمن الدولة العليا , لا يعلم إن كانت مأخوذة بجدية من المناصرين للتظاهر أم لا .


7- إلا أن هذا الأمر يمكن من زيادة إحتقان الأهالى من سلوك الأمن من حيث إعتقال المتظاهرين , فكل فرد سيعتقل يقابله 100 من ذويه ومعارفه أو أكثر ,كما يمكن أيضا أن يؤدى لمزيد من تخوف الأهالى من مشاركة أبنائهم فى مثل تلك التحركات مجددا , خاصة بعدما يتضح لهم عدم وجود جهات تدافع عنهم ,وبعد علمهم أن سلوك قانون الطوارى فى التعامل مع المتظاهرين وغيرهم لا يخضع للقضاء أو النيابة بشكل مباشر, مما لا يمكن التنبؤ بسلوك أمن الدولة العليا وبالتالى عدم أخذ الخطوات القانونية اللازمة .




((( هذا تحليل محايد للأحداث ولا ينم من قبيل التأييد من عدمه ,


حرصا على الحيادية والموضوعية فى التحليل والنقد )))



8- وبالطبع فإن كثيرا من المصريين لا تتمنى أن يحدث ذلك الفراغ السياسى وتداعياته الخطيرة على مستقبل مصر والمتوقع للتجربة التونسية , فهى وإن كانت محتقنة وساخطة من الوضع الحالى الذى يرفضه الشاب والطاعن فى السن , المتعلم والأمى , الفلاح إلى أرقى المستويات العلمية والإدارية , وإنما الهدف الأكبر هو حث القيادة العليا على وضع رأى الجماهير فى دائرة الإهتمام إثناء أخذ القرارت , وأخذ خطوات جادة وصريحة فى القضايا المحورية مثل قضية الإصلاح السياسى والإقتصادى , مكافحة الفساد والبطالة , إحداث نقلة نوعية فى مجال الخدمات الجماهيرية مثل الصحة والتعليم وغيرها .


9- المظاهرات لم تتم تحت أى قيادات سياسية أو برلمانية إو فكرية واضحة , وهذه دلالة على الرؤية المجتمعة للكيانات التشريعية والرقابية والمعارضة والنقابية بأنها ديكورات لأنظمة نصف ديمقراطية , مما يحكم على متخذى القرار إعادة النظر فى تلك السياسات وإيضا إعادة النظر فى الشخصيات التى تدير تلك المؤسسات والهيئات .



10- إزدياد العنف من المتظاهرين نظرا للتضيق المفروض وإستعمال القوة المفرطة من قبل الأمن المركزى , و فى حالة تواصل المظاهرات لليوم الثانى أو الثالث فإن حظر التجوال سيكون القرار الأمنى السليم ربما يختصر على نطاق أحياء وربما يمتد ليشمل إقاليم , وسيزداد شحذ القوات منعا لإستمرارها خاصة مع إعلانها على الخروج الكبير بعد صلاة الجمعة مما ستعمل على إفشال أى تحرك مبدئى , وأن نجاح هذه الخطوات سيكون دليلا من عدمه على كفاءة عمل الأمن خاصة بعدما إتضح سقوط قناع الخوف من تلك الإمبراطورية الأمنية المسماه بأمن الدولة العليا , مثل :


· غلق شبكات الإتصالات الثلاثة فى النطاق الجغرافى لعدم التواصل .


· غلق بعض الشبكات الإجتماعية مثل تويتر , فيس بوك , يوتيوب وغيرها .


· ملاحقة المتظاهرين الجرحى فى المستشفيات و وهو سلوك غير أخلاقى .


· تحويل المسارات الرئيسية للمواصلات العامة خاصة المترو والأتوبيسات العامة .


· ضم أكبر عدد من المخبرين للتعامل مع المتظاهرين ,بشكل لا يعكس تدخل الشرطة المباشر .


· استخدام القوة والرصاص المطاطى والمياه وغيرها لتفريق المتظاهرين ومنها لإصطيادهم وجر المئات إلى معسكرات أمن الدولة الذين وصلوا فى اليوم الثانى إلى أكثر من 1500 متظاهر .


· القيام بإرهاب كل من يتمشون فى الطرقات او الزوايا التى تشهد تلك التظاهرات .


· القبض على النشطاء والمدونيين والصحفيين تحت مسمى إثارة الشغب وإحداث الفوضى وإضرار المصالح العليا للدولة وهى الإتهامات التى ما أن توجه حتى تصبح مستقبل هؤلاء من حيث السفر وشغل مناصب مستقبلية إلخ .


11- إزدياد حالات الوفيات عن العدد الحالى وهو 5 بينهم 4 مدنيين وعسكرى مجند سيزيد من الإحتقان .



تكملة التحليل فى المقال التالى 1.3



((( هذا تحليل محايد للأحداث ولا ينم من قبيل التأييد من عدمه ,


حرصا على الحيادية والموضوعية فى التحليل والنقد )))

من مصر " تأملات فى التجربة " 1.1






مصطفى كامل " قال إن الأمم لا تنهض إلا بتوافر صفتين فطريتين أو مكتسبتين فى شعوبها, هما الشهامة وحسن الإعتقاد فى النفس " هكذا سطر للتاريخ هذا المفكر والقيادى الكبير فى أوائل القرن العشرين , والواعى للتاريخ المصرى يعلم كل التمام أنهما دفينتا جينات الشخصية المصرية , ولكن لم تتح لهما البيئة الحالية – بيئة الفساد و غياب العدالة والتعليم الردىء و المشروع القومى الكبيرالغائب ... إلخ - المناسبة لظهور تلك الجينات من جديد وإعادة إستثمارها وتطويرها .


ولذا تجد المصرى يقول " إذا بدأوا فخلينا نشوف هيحصل إيه , وما أن يطمئن جزئيا تجده يخرج ولكن إن خرج فلا شىء يلجمه ولا يثنيه عن مطالبه واقراءوا تاريخ مصر القديم او الحديث إن شئتم " .


هكذا يفسر خروج ما لا يقل عن 100 ألف من أصل 82 مليون فى عدة محافظات خاصة بالوجه البحرى وإقليم القاهرة الكبرى ومحافظات القناة .


إلا إن تجليات التجربة يتضح كالأتى :


1- سقوط إدعاء المثقفين والنخبة عن خنوع المصريين , هذا التطاول كان مفاده أن المصريين :


• إزداد إحساسهم بالمهانة , وفى نفس الوقت إفتقارهم إلى الوسائل المناسبة للتحرك .


• إزدياد الفجوة بين النخبة والجماهير , وغياب الثقة.


• تعمق شعور المصريين بأن لا حول لهم ولا قوة , وأن العالم يجرى للأمام وهم عليهم أن يبقوا مكانهم حتى يصبحوا فى ذيل الأمم , ومنها يصدر العويل فى كل المناسبات ناقمين على الوضع الحالى .


• إزدراء الجماهير خاصة الطبقة المتعلمة من الأوضاع المتردية للمجتمع المصرى فبدلا من أن يرسم لمستقبله العظيم القائم على العلم والفكر فهو يرسم مستقبله من حيث قدرة المجتمع على تأمين رغيف العيش .


• إحساس الجماهير بأن لا دورلهم وأن دور الدولة إنحصر فى تشجيع الكرة الرياضية , والتركيز على الممارسات الشبابية السيئة بالشارع .. إلخ من كل الجوانب السلبية اليومية , وأن عليهم مسايرة الواقع لا تغييره , خاصة وأن وزارة الداخلية منشغلة بالأمن السياسى لا الإجتماعى .


2- دخول أعداد غفيرة من الشباب المسالم – أغلبهم من الطبقة الوسطى - الغير منتمى لأى تيارات سياسية – وهذا لا يتعارض مع دس بعض العناصر المخربة لإعطاء صورة سيئة للمتظاهرين - , بالإضافة للتفاعل الغير مسبوق من باقى الشباب والأهالى الذين بقوا متابعين للأحداث عبر الوسائل الإعلامية المرئية والإلكترونية .


3- شعور غالبية الشباب المتابع بصراع بين نزولهم ونصرة ما بداخلهم من إيمان بأفكار وعواطف جياشة ومشاركة من يرونهم أبطالا من جهة , ومن المصير المجهول الذى ينتظهرهم عند نزولهم وما الضياع الذى سيصاب ذويهم , خاصة مع إفتقار أى تحرك قانونى مع قانون الطوارىء.


4- دور المواقع الإجتماعية الإلكترونية حيث أن يوم الغضب كفكرة بدأت على الشبكة العنكبوتية , وما إن تلقتها المعارضة حتى تبنتها - إلا أن الشباب لم يعبؤا بما تحثهم المعارضة – وكان التحرك بناء على الحركات الشبابية المناهضة المعروفة – حركة 6 إبريل , كفاية ,جروبات مشهورة مثل البرادعى وكلنا خالد سعيد وغيرها من الجروبات الرائدة - .


5- كما أن الكثير يرى التوفيق فى إختيار اليوم – عيد الشرطة - تعبيرا عن الغضب من سلوكيات ومنهج وسياسة الشرطة فى التعامل مع المواطنين والتى لا تخفى على أحد .


6- إعادة تغيير فكر المعارضة من حيث المطالب بحيث تبدأ بكونها مطالب إجتماعية – أى السياسة المطلبية وهى الحاجات الأساسية كالمأكل و المشرب والسكن وغيرها - وإنطلاقا فيما بعد للمطالب السياسية , مما يعمل عن جذب الجماهير المصرية لصفها , مستلهمين ذلك من التجربة التونسية والتى نحجت عبر هذا التخطيط , متجاوزين للخطأ السابق للمعارضة المصرية .


7- إلا أن النقطة السابقة لم تتمحور على الشكل الأنسب بحيث يكون هناك مطلب واحد موحد يتناسب مع المطالب المؤقتة للجماهير البسيطة التى لا تسعى إلا للقمة العيش والتى أصيبت فيها , وما ما ظهر من خلال اللافتات والشعارات التى رددوها المتظاهرين يتبين عدم وجود خطاب وحدوى.



8- إن مكمن الفكر المتعلق بتهميش الأحزاب المعارضة وجعلها كردونات تابعة , أصبح دون جدوى بعد صعود تيارات معارضة لا تنتمى لأى حزب خاصة مع عدم تجذر الثقافة الحزبية فى عقل المواطن المصرى بل وفى الثقافة المصرية بشكل عام .


9- رموز المعارضة فوتت الفرصة من عدم حضورها مع المتظاهرين خاصة بالليل وخاطبت الإعلام من المكاتب , وهو ما يعنى عدم الترتيب المسبق والذى فاجأهم التحرك الجماهيرى كما فوجأ الأمن والحكومة المصرية.



((( هذا تحليل محايد للأحداث ولا ينم من قبيل التأييد من عدمه ,


حرصا على الحيادية والموضوعية فى النقل والتحليل والنقد )))






2011-01-23

من تونس " تأملات فى واقع التجربة " 1.2


6- الذين ينوهون بأن هذا يمكن أن ينتقل للأقطار المجاورة , فهو توقع ليس فى محله - فى تقديرى - لإن الدافع الحقيقى يكمن فى بلوغ الشدة والحاجة مداها الأقصى , وقوته تكمن فى المباغتة , وبالتالى فإن الأنظمة المجاورة سوف تبادر بقرارات إحترازية ومحجمة يكون فى أغلبها الشكل الإيجابى مستجيبا للمطالب الجماهيرية , إلا ان تلك تكون بمثابة المسكن , فكيف يصبح النظام الفاشل الفاسد الشايخ الغير قابل للتطوير وتغيير نفسه فى الحاضر هو نفسه راعيا للنجاح والتقدم فى المستقبل , مما يضعف أى تحرك جماهيرى فعال .
- كما أن المجتمعات تختلف فى درجة معرفتها والأنمطة التقافية السادة , وبالتالى تختلف طريقة ودرجة ردود أفعالها
, فبينما تسود الثقافة الأيديولوجية مثلا من كونها سلفية أو صوفية أو أرثوذكسية أو إنجيلية إلخ , كما تختلف نسبة المتعلمين فبينما تكون الأمية فى بلد 10 % تكون 35 % فى بلد أخر , كما تختلف نوعية النخبة المثقفة وتوجهاتها وتأثرها بالمظاهر الغربية أو التراثية .
- كما تختلف المجتمعات فى كم وكيف تفاعلها مع التكنولوجيا .
- وتختلف أيضا قدرة نقاباتها العمالية والهيئات المختلفة ودور المجتمع المدنى الأهلى فى التعبير بإستقلالية عن مصالحها وتوجهاتها .
- تختلف النظم فى درجة التنفيس والأداء الإقتصادى ومردوده على فئات المجتمع .
- تختلف النظم من كون قادتها لهم ميراث رائد فى الإنجازات الوطنية كما هو الحال فى قيادة الجزائر ومصر مما يدعم من قدرتهم على التحكم فى زمام الأمور .
- دور القوات المسلحة تختلف فى الأقطار المجاورة , فهناك من الأنظمة مما تجعل كل قائد ذا شأن من أن يحتل منصب رفيع بعد تقاعده ومن هنا يضمن الحاكم ولاء هؤلاء معتمدا على مفاهيم التربية العسكرية ومفرغا للقوة التى يمتلكونها .
- القوات المسلحة تختلف درجة تهميشها من بلد لأخر ,فبينما تذهب المخصصات الكبرى فى الموازنة لصالح الأمن الداخلى المتثل فى وزارة الداخلية و الحرس الرئاسى تبقى جيوش لدول أخرى فى صدارة إهتمامات الدولة .

7- تغير النبرة العامة لبعض الشخصيات الدينية , من كون مدحهم لتلك الثورة بل وإعطائها الصلاحية الدينية إن شاء التعبير, فخفت صوت الناهى عن الخروج على الحاكم حتى وإن كان ظالما مفسدا , فها انت تسمع الخطاب الرائع للشيخ المحافظ يوسف القرضاوى فى خطبة الجمعة والمنقولة على قناة الجزيرة مباشر , وأشد ما نال الإعجاب هو انه تكلم من كونها قيم سياسية لامن حيث أنها أراء سياسية , وكذلك بعض علماء الأزهر كما نشر فى بعض الصحف والقنوات المستقلة وغيرهم فى بعض الأقطار الإسلامية.

8- درجة تبعية اقتصاد دون الأخر , بحيث تكون مصادر الثروة والقوة المنبعثة منها لها الإنتماء لمن يرعونها ويوفرون لها الحماية , كما أن نوعية الأقتصاد المتحكم فى دخل الأفراد يشكل محورا رئيسيا فى استقلالية الرأى من عدمه , فبينما يشكل الإقتصاد العام أو الحكومى الجانب الأكبر للتوظيف لبلد ما , يكون فى جانب الإقتصاد الخاص والحر لبلد أخر .

9- الخط الثانى للقيادة , فبينما تعمل دول على تكوين خط ثانى إحتياطى للقيادة تعمل دول أخرى على سحق أى قيادة ناشئة خوفا منها , وذلك إنطلاقا من ضعفها والتشكك من قدرتها على التحكم فى زمام الأمور وإحداث التوازن بين مختلف القوى المجتمعية و وهذا بالطبع له التوابع الكارثية على مستقبل الأمة بأن يكون صمام أمان دولة فى شخص أو أكثر .

10- تختلف البلدان العربية فى قدرتها على إحداث نوعا ما من التعادلية بين قوة الفكر " أو الرقيب الموجه إن شاء التعبير "وقوة العمل " أو السلطة " كما تختلف أيضا من قدرة مجتمع دون الأخر فى قبول التنوع الفكرى والدينى والطائفى وحقوق الأقليات وتوجيهم جميعا نحو الأهداف العليا لأمن وسلامة المجتمع وتحقيق الرفاهية والتقدم المنشود , والذى يغيب عن كثير من البلدان فى الواقع الحالى .

من تونس " تأملات فى واقع التجربة " 1.1


من تونس " تأملات فى واقع التجربة "
ما من شك أن ما فعله الشعب التونسى مدعاة للإعجاب والتقدير , ولكن هناك الكثير من الملاحظات التى يحكم على المهتمين النظر فيها فهى المحددة للمستقبل القريب والبعيد على الساحة العربية و لتونس على وجه الخصوص :
1- أن الثورة تمت بدون قيادة - وإن كانت ميزة عظيمة تخلد فى التاريخ خاصة ونحن فى بداية القرن الحادى والعشرين - إلا أن ذلك مكمن خطورة فى ظل هذا العالم ذو القطبية الواحدة , فما من شك أن جميع الأطراف الخارجية ذات المصلحة سوف تسعى بأن تقتسم أكبر قدر ممكن من الكعكة مستخدمة علاقاتها ببعض الأطراف الداخلية :
- مما سيتولد عنه صراعات لا حد لها فى الداخل بين القيادات المتقاربة فى القوة والتى من الممكن بأن تعصف بمطالب الثورة على المدى البعيد.
- التخلى عن كل ما له علاقة بالنظام السابق – مستغلين الإنفعال الجماهيرى - وهو ما يعنى خسارة كبيرة لكثيرا من الكوادر وإهدار عظيم لكثير من الثروات التى ستتعرض للنهب فى ظل إنشغال الرأى العام بالحراك السياسى الحالى , أى يكون فى حد ذاته معطلا للتوجه الديمقراطى , فبدلا من ملاحقتهم يتم العفو عنهم بعد إعلان توبيتهم عن كل ما هو ماضى متلتزمين بتغيير المفاهيم والمبادى التى عملوا فى ظلها والعمل تحت مظلة الدستور وقوانين الدولة ومحترمين للمصالح العليا للدولة وإلا فإن التفسخ المجتمعى قادم لا محالة وستكون العواقب أسوا مما قبل .
- الإنشقاق والإنقسام حول الحكومة المؤقتة , سيزيد من وتيرة القلق وعدم الإستقرار السياسى الذى ستبعه إضطراب على كافة المستويات الإقتصادية والمالية والإجتماعية والخدمية إلخ .

2- أن الثورة لم تتم تحت أيدلوجية معينة سواء مسيحية أو إسلامية أو نخبة مثقفة أو إنقلاب عسكرى أو أمنى , أو مكيدة ما إلخ لكن تمت تحت المصلحة المشتركة أى أنها " ثورة جماهيرية " بالمعنى الشامل .

3- أن الثورة كسرت حاجز المفهوم الذى رسم عقلية المجتمع الدولى إتجاه العالم الإسلامى والعربى بإستثناء ماليزيا وتركيا ولو بشكل جزئى, إلا أن تلك الثورة ليست ضامنا كافيا للتحرك نحو الديمقراطية المستدامة وبناء إقصاد قوى ومتنوع مستجيبا للتغييرات الدولية .

4- القرارات التى تتخذها الحكومة المؤقتة تحت الضغط الجماهيرى والمطالب الدولية يجعلها قرارات تصبع بالنزعة العاطفية الإندفاعية بدلا من المتعقلة الموضوعية فمثلا العفو العام على كافة المساجين السياسيين وعودة كل المنفيين هو سبيل لمزيد من الإنشقاق – فى وقت الأمور هشة ومضطربة- , لأن كل منهم سيسعى لتعويض ما حل به ومدافعا عن رؤيته فالأغلبية منهم سجنوا من خلال المعارضة للنظام ولكن كل منهم له رؤية ليست بالضرورة متوافقة مع المطالب الجماهيرية .

5- إعادة النظر فى النظم القمعية الديكتاتورية فى العالم النامى وبالأخص فى العالم العربى :

- إن طول الإستبداد وقسوته مستغلا القوة الأمنية والقانون - المتمثل فى قانون الطوارىء وغيرها من القوانين الدستورية والإدارية وطرق التشريع ونظم الرقابة - لا تمنع من حدوث تلك الثورات .
- أن الأنظمة القمعية التى لا تترك التنفيس الإجتماعى - من خلال الإحتجاجات المحدودة ذات نطاق ضيق من المطالب الإصلاحية أو المادية - تكون أكثر النظم عرضة للغضب الجماهيرى المفاجىء لصعوبة التنبأ بمكان وزمان الشرارة الأولى والحقيقية للثورة , مما يصعب على أى نظام أخذ رد الفعل المناسب وهو ما حدث فى تونس .
- أن القائمين على النظم الديكتاتورية مهما بلغ منهم المكر والذكاء إلا أن الأوقات العصيبة يمكن أن تدفعهم لأخذ قرارات خاطئة ربما تكون هى فى حد ذاتها بداية سقوطهم – مثل ما فعله زين العابدين بإقالة ذراعه الأيمن وزير الداخلية - .
- أن الأطراف الخارجية غير معنية بحماية رعاياها , وقت ما تتأكد أن التابعين لها لم يعد يديرون الدفة بالشكل المطلوب , وهوما يذكرنا بالشاه ايران وغيرهم وأخرهم الرئيس المخلوع زين العابدين بن على , مما يعنى أن الجماهير يمكن أن يكون لها الصوت الأعلى إذا ما توحدت , وتقف القوى الخارجية - فى الظاهر - فى موقف المحايد الراعى الحامى للمطالب الجماهيرية .
- أن الخطأ الكبير يقع حينما يقوم الحاكم المستبد بتقليص دائرة المنتفعين من النظام على عائلته وصهره وبعض المقربين مما يزيد من سخط جميع الأطراف الغير منتفعة وهو ما حدث فى تونس , كما أن هذا يقلل من قوة النظام لأن هؤلاء هم أول من سيبادرون بالهروب حرصا على مصالحهم الخاصة .
- أن الحزب الحاكم والذى يتفشى بسببه المحسوبية و الفساد بكافة أشكاله , يكون أول قبله تعصف به أى تغيير فى الواقع السياسى , ولهذا السبب تجد القائمين عليه يوجهون الجزء الأكبر من إستثماراتهم للخارج تعبيرا للخوف والقلق الدفين من المستقبل وبمستقبل ذويهم .
- أن ذلك الحزب يجمعه ويشكل اتجاهه هو جلب المصالح الخاصة , أى ليس له قاعدة فكرية أو حجة سياسية أو إنتماء – مما يجعله كالرماد يتفكك مع أول عاصفة حقيقية .

تتمة المقال فى الصفحة1.2

2011-01-22

قضية التعليم

أتاسف لأنى سأنشر باقى مقالاتى المتعلقة بالتعليم والبحث العلمى ونقل التكنولوجيا لوقت لاحق