2011-01-23

من تونس " تأملات فى واقع التجربة " 1.2


6- الذين ينوهون بأن هذا يمكن أن ينتقل للأقطار المجاورة , فهو توقع ليس فى محله - فى تقديرى - لإن الدافع الحقيقى يكمن فى بلوغ الشدة والحاجة مداها الأقصى , وقوته تكمن فى المباغتة , وبالتالى فإن الأنظمة المجاورة سوف تبادر بقرارات إحترازية ومحجمة يكون فى أغلبها الشكل الإيجابى مستجيبا للمطالب الجماهيرية , إلا ان تلك تكون بمثابة المسكن , فكيف يصبح النظام الفاشل الفاسد الشايخ الغير قابل للتطوير وتغيير نفسه فى الحاضر هو نفسه راعيا للنجاح والتقدم فى المستقبل , مما يضعف أى تحرك جماهيرى فعال .
- كما أن المجتمعات تختلف فى درجة معرفتها والأنمطة التقافية السادة , وبالتالى تختلف طريقة ودرجة ردود أفعالها
, فبينما تسود الثقافة الأيديولوجية مثلا من كونها سلفية أو صوفية أو أرثوذكسية أو إنجيلية إلخ , كما تختلف نسبة المتعلمين فبينما تكون الأمية فى بلد 10 % تكون 35 % فى بلد أخر , كما تختلف نوعية النخبة المثقفة وتوجهاتها وتأثرها بالمظاهر الغربية أو التراثية .
- كما تختلف المجتمعات فى كم وكيف تفاعلها مع التكنولوجيا .
- وتختلف أيضا قدرة نقاباتها العمالية والهيئات المختلفة ودور المجتمع المدنى الأهلى فى التعبير بإستقلالية عن مصالحها وتوجهاتها .
- تختلف النظم فى درجة التنفيس والأداء الإقتصادى ومردوده على فئات المجتمع .
- تختلف النظم من كون قادتها لهم ميراث رائد فى الإنجازات الوطنية كما هو الحال فى قيادة الجزائر ومصر مما يدعم من قدرتهم على التحكم فى زمام الأمور .
- دور القوات المسلحة تختلف فى الأقطار المجاورة , فهناك من الأنظمة مما تجعل كل قائد ذا شأن من أن يحتل منصب رفيع بعد تقاعده ومن هنا يضمن الحاكم ولاء هؤلاء معتمدا على مفاهيم التربية العسكرية ومفرغا للقوة التى يمتلكونها .
- القوات المسلحة تختلف درجة تهميشها من بلد لأخر ,فبينما تذهب المخصصات الكبرى فى الموازنة لصالح الأمن الداخلى المتثل فى وزارة الداخلية و الحرس الرئاسى تبقى جيوش لدول أخرى فى صدارة إهتمامات الدولة .

7- تغير النبرة العامة لبعض الشخصيات الدينية , من كون مدحهم لتلك الثورة بل وإعطائها الصلاحية الدينية إن شاء التعبير, فخفت صوت الناهى عن الخروج على الحاكم حتى وإن كان ظالما مفسدا , فها انت تسمع الخطاب الرائع للشيخ المحافظ يوسف القرضاوى فى خطبة الجمعة والمنقولة على قناة الجزيرة مباشر , وأشد ما نال الإعجاب هو انه تكلم من كونها قيم سياسية لامن حيث أنها أراء سياسية , وكذلك بعض علماء الأزهر كما نشر فى بعض الصحف والقنوات المستقلة وغيرهم فى بعض الأقطار الإسلامية.

8- درجة تبعية اقتصاد دون الأخر , بحيث تكون مصادر الثروة والقوة المنبعثة منها لها الإنتماء لمن يرعونها ويوفرون لها الحماية , كما أن نوعية الأقتصاد المتحكم فى دخل الأفراد يشكل محورا رئيسيا فى استقلالية الرأى من عدمه , فبينما يشكل الإقتصاد العام أو الحكومى الجانب الأكبر للتوظيف لبلد ما , يكون فى جانب الإقتصاد الخاص والحر لبلد أخر .

9- الخط الثانى للقيادة , فبينما تعمل دول على تكوين خط ثانى إحتياطى للقيادة تعمل دول أخرى على سحق أى قيادة ناشئة خوفا منها , وذلك إنطلاقا من ضعفها والتشكك من قدرتها على التحكم فى زمام الأمور وإحداث التوازن بين مختلف القوى المجتمعية و وهذا بالطبع له التوابع الكارثية على مستقبل الأمة بأن يكون صمام أمان دولة فى شخص أو أكثر .

10- تختلف البلدان العربية فى قدرتها على إحداث نوعا ما من التعادلية بين قوة الفكر " أو الرقيب الموجه إن شاء التعبير "وقوة العمل " أو السلطة " كما تختلف أيضا من قدرة مجتمع دون الأخر فى قبول التنوع الفكرى والدينى والطائفى وحقوق الأقليات وتوجيهم جميعا نحو الأهداف العليا لأمن وسلامة المجتمع وتحقيق الرفاهية والتقدم المنشود , والذى يغيب عن كثير من البلدان فى الواقع الحالى .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق