2011-01-26

من مصر " تأملات فى التجربة " 1.1






مصطفى كامل " قال إن الأمم لا تنهض إلا بتوافر صفتين فطريتين أو مكتسبتين فى شعوبها, هما الشهامة وحسن الإعتقاد فى النفس " هكذا سطر للتاريخ هذا المفكر والقيادى الكبير فى أوائل القرن العشرين , والواعى للتاريخ المصرى يعلم كل التمام أنهما دفينتا جينات الشخصية المصرية , ولكن لم تتح لهما البيئة الحالية – بيئة الفساد و غياب العدالة والتعليم الردىء و المشروع القومى الكبيرالغائب ... إلخ - المناسبة لظهور تلك الجينات من جديد وإعادة إستثمارها وتطويرها .


ولذا تجد المصرى يقول " إذا بدأوا فخلينا نشوف هيحصل إيه , وما أن يطمئن جزئيا تجده يخرج ولكن إن خرج فلا شىء يلجمه ولا يثنيه عن مطالبه واقراءوا تاريخ مصر القديم او الحديث إن شئتم " .


هكذا يفسر خروج ما لا يقل عن 100 ألف من أصل 82 مليون فى عدة محافظات خاصة بالوجه البحرى وإقليم القاهرة الكبرى ومحافظات القناة .


إلا إن تجليات التجربة يتضح كالأتى :


1- سقوط إدعاء المثقفين والنخبة عن خنوع المصريين , هذا التطاول كان مفاده أن المصريين :


• إزداد إحساسهم بالمهانة , وفى نفس الوقت إفتقارهم إلى الوسائل المناسبة للتحرك .


• إزدياد الفجوة بين النخبة والجماهير , وغياب الثقة.


• تعمق شعور المصريين بأن لا حول لهم ولا قوة , وأن العالم يجرى للأمام وهم عليهم أن يبقوا مكانهم حتى يصبحوا فى ذيل الأمم , ومنها يصدر العويل فى كل المناسبات ناقمين على الوضع الحالى .


• إزدراء الجماهير خاصة الطبقة المتعلمة من الأوضاع المتردية للمجتمع المصرى فبدلا من أن يرسم لمستقبله العظيم القائم على العلم والفكر فهو يرسم مستقبله من حيث قدرة المجتمع على تأمين رغيف العيش .


• إحساس الجماهير بأن لا دورلهم وأن دور الدولة إنحصر فى تشجيع الكرة الرياضية , والتركيز على الممارسات الشبابية السيئة بالشارع .. إلخ من كل الجوانب السلبية اليومية , وأن عليهم مسايرة الواقع لا تغييره , خاصة وأن وزارة الداخلية منشغلة بالأمن السياسى لا الإجتماعى .


2- دخول أعداد غفيرة من الشباب المسالم – أغلبهم من الطبقة الوسطى - الغير منتمى لأى تيارات سياسية – وهذا لا يتعارض مع دس بعض العناصر المخربة لإعطاء صورة سيئة للمتظاهرين - , بالإضافة للتفاعل الغير مسبوق من باقى الشباب والأهالى الذين بقوا متابعين للأحداث عبر الوسائل الإعلامية المرئية والإلكترونية .


3- شعور غالبية الشباب المتابع بصراع بين نزولهم ونصرة ما بداخلهم من إيمان بأفكار وعواطف جياشة ومشاركة من يرونهم أبطالا من جهة , ومن المصير المجهول الذى ينتظهرهم عند نزولهم وما الضياع الذى سيصاب ذويهم , خاصة مع إفتقار أى تحرك قانونى مع قانون الطوارىء.


4- دور المواقع الإجتماعية الإلكترونية حيث أن يوم الغضب كفكرة بدأت على الشبكة العنكبوتية , وما إن تلقتها المعارضة حتى تبنتها - إلا أن الشباب لم يعبؤا بما تحثهم المعارضة – وكان التحرك بناء على الحركات الشبابية المناهضة المعروفة – حركة 6 إبريل , كفاية ,جروبات مشهورة مثل البرادعى وكلنا خالد سعيد وغيرها من الجروبات الرائدة - .


5- كما أن الكثير يرى التوفيق فى إختيار اليوم – عيد الشرطة - تعبيرا عن الغضب من سلوكيات ومنهج وسياسة الشرطة فى التعامل مع المواطنين والتى لا تخفى على أحد .


6- إعادة تغيير فكر المعارضة من حيث المطالب بحيث تبدأ بكونها مطالب إجتماعية – أى السياسة المطلبية وهى الحاجات الأساسية كالمأكل و المشرب والسكن وغيرها - وإنطلاقا فيما بعد للمطالب السياسية , مما يعمل عن جذب الجماهير المصرية لصفها , مستلهمين ذلك من التجربة التونسية والتى نحجت عبر هذا التخطيط , متجاوزين للخطأ السابق للمعارضة المصرية .


7- إلا أن النقطة السابقة لم تتمحور على الشكل الأنسب بحيث يكون هناك مطلب واحد موحد يتناسب مع المطالب المؤقتة للجماهير البسيطة التى لا تسعى إلا للقمة العيش والتى أصيبت فيها , وما ما ظهر من خلال اللافتات والشعارات التى رددوها المتظاهرين يتبين عدم وجود خطاب وحدوى.



8- إن مكمن الفكر المتعلق بتهميش الأحزاب المعارضة وجعلها كردونات تابعة , أصبح دون جدوى بعد صعود تيارات معارضة لا تنتمى لأى حزب خاصة مع عدم تجذر الثقافة الحزبية فى عقل المواطن المصرى بل وفى الثقافة المصرية بشكل عام .


9- رموز المعارضة فوتت الفرصة من عدم حضورها مع المتظاهرين خاصة بالليل وخاطبت الإعلام من المكاتب , وهو ما يعنى عدم الترتيب المسبق والذى فاجأهم التحرك الجماهيرى كما فوجأ الأمن والحكومة المصرية.



((( هذا تحليل محايد للأحداث ولا ينم من قبيل التأييد من عدمه ,


حرصا على الحيادية والموضوعية فى النقل والتحليل والنقد )))






هناك تعليقان (2):