لغة التوازن
أن مشايخنا يحملون النور فى صدورهم فكيف هذا لم يتطرق الى تغير أسلوب فكرهم وحياتهم وبصيرتهم ولأوضح هذا, مع صلاة العشاء والتراويح ظل طفل لديه نشاط زائد لا يزيد عمره عن 4 سنوات يجرى بين الصفوف ويعد الأفراد الواقفين فى الصف وكان يتسائل هذا الطفل لماذا لا يتساوى عدد الأفراد فى كل صف , إلا أن شيخه - الذى يحفظه القران - ضربه فى جنبه لسوء سلوكه رغم ما أبداه الطفل من تحير, لم يدرك هذا الشيخ أنه بصدد علامة لعبقرية مستقبلية محتملة فى علوم الرياضيات .
وإذا سألت بعضهم عن العلوم الإنسانية مثلا الفلسفة رسموا لك صورة كم ستضل بقراءتك وأنه من الأفضل تركها وإذا ذكرت نظرية فلسفية مثلا الشك الذى يؤدى لليقين التى أتت من الحضارات الأخرى وأيدها الجاحظ ترى إصطداما بالغا بعلماء الحديث حتى لو أنك تكلمت عنها فى خضام العلوم الأكاديمية , ولا حول ولا قوة الا بالله .نعم هناك بعض الأراء الخاطئة لرواد الفلسفة ولكن هذا لا يعنى أن أتخوف من القراءة رعبا من تسرب أفكارا ضالة , بل أقول إن التعمق فى الفلسفة هو الطريق الأمثل لوحدانية وقدرة الله .
بل ومنهم من يحقر مهارات ومواهب إنسانية رائعة مثلا الرسم إدعاءا بأنه طريق للضلال وإفساد النفس أنا أكره لغة التعميم لما لا يقولون أن الرسم شىء جميل بشرط أن لا يتناول كذا وكذا وخذ ذلك على كثير من الأمور.
وهناك مصطلحات غير مستصاغة لدى أكثر المشايخ مثلا كلمة السياحة نسوا أن ثراء أوروبا لإكتشاف الامريكتين كانت من الاسباب الرئيسية للحملات الصليبية و غزو للممتلكات الاسلامية , نسوا ان السياحة ما كان للإسلام أن ينتشر فى اماكن كثيرة فسياحة الاتراك لمنطقة القوقاز كانت سبيلا لأسلمة كثير من الناس هناك , والصح هو عدم التعميم بشرط كون السياحة تخلو من كذا وكذا وتحث على كذا وكذا .
بل منهم من إمتد فتواه بكون المسافر إلى دول الغرب بالعاصى حتى ولو الدراسة لما يتفشى من فجور فى تلك المجتمعات وكون المسلم عرضه للفتنة التى ستنال منه أبى أم لم يأبى ولا حول ولا قوة إلا بالله , نسوا أن الغرب هو من يملك التقدم وأنت تسعى ورائها لإجتذابها الى أوطاننا , نسوا أن هذا ما صار عندما توغل الباحثين المسلمين فى كل مكان يحمل بين جدرانه كتاب ولو حتى ورقة ولو كان هذا العلم عن كهنوت وتعاليم وضعية , والحل لدى هؤلاء المشايخ هو الإعتماد على النفس وكأنه يقول إبدأ من تكنولوجيا القرن التاسع عشر واعتمد على نفسك وكأننا نريد لنا مزيدا من التخلف و ذهب البعض فى تقديم الحل بأن نسمح فقط للرجال الأجانب بدخول أوطاننا وبشرط أن يحترم الإلتزام الدينى نسوا المنطقية وكون ذلك مستحيل من الناحية العملية , نسوا أننا من نحتاجهم لا العكس وأقول إن هؤلاء ساعدوا بدون قصد فى تعميق الفجوة بين رجال السياسة و الدين.
لماذا يخرج بعض الدعاة عن النص المتأدب من منابرهم على إختلافها وذلك بالهجوم على شيخ آخر له بل ونعته بأبح الصفات, بل و أحيانا يكون على نفس المذهب ,لماذا يهاجم بعض المشايخ بعضا على الملأ هذا ليست خطاب بل إثبات على كونى صح والطرف الآخر على خطأ , ولست مستعدا لنجلس ونبحث الأمر.
والأغرب من هذا أن الإختلاف فى بعض الأحيان لا يخرج من قبيل مثال أنى أرى القمر جميل بتضاريسه بينما هو يرى القمر جميل بنوره وهدوءه ,هذا الاختلاف الذى يمكن أن يصل إلى حد القطيعة .
لماذا قولبة النصوص بلا إبداع يذكر نسرد ما قاله السلف ولا نبدع خوفا من الخطأ لذا إختصرت الدعوة على النقل فقط , أما ان نربط الدين بواقعنا المعيشى فهو منعدم اللهم إلا شيوخا معدودين على إصبع اليدين .
بل منهم من يمتد ليدعو بمضمون أننا لا نحتاج إلا للقران الكريم والسنة فتصطدم أذنيك بسرعة الصاروخ فى حائط خرسانى أين علوم الإدارة أين علوم الإقتصاد والمعاملات التجارية الخ , وإذا جادلته قالوا لك انتشر الإسلام من الجزيرة للعالم بالدين لا بالعلم ,ولنصحح فالدين هو الأصل وأخذ التشريعات منه ضرورة لضمان نزاهة وعدالة الإبداعات البشرية وسير حياة بنى آدم على المسار الأفضل.
ولا ننسى من يسفهون من الحضارات المختلفة فمثلا ما شعورك عندما تسمع وترى أحد كبار الدعاة يسفه من الأهرامات على أنها قبور تخيلوا أختزلها على أنها قبور وليس هو فقط بل هذا تيار كبير , وللأسف فهم مفتقدين فى هذا الجانب لأبسط أنواع الذكاء فى الخطابة كيف أسفه من شىء هو نبراس للفلكيين , نبراس للمعماريين , نبراس للجيولوجيين, نبراس للمتآملين , نبراس لرجال العلوم الانسانية ومنها علوم التاريخ والأجناس والأجتماع وعلماء الحفريات والأثار وغيرهم كيف لدعوى أو فقيه ان يخسر هؤلاء فى خطابه , بل أقول من يدرس النظريات التى توضح كيفية بناءه يستطيع أن يستنبط ما يفيدك فى تغيير المجتمع المصرى فى الوقت الراهن وسأسرد هذا فى مقال آخر إن شاء الله
بل ومنهم من يقول أن الله توعد آل فرعون بالعذاب المبين ومن أحبهم فهو منهم ولا حول ولا قوة الا بالله , هذا للأسف خطأ كبير فى حق أنفسنا , الصحيح هنا هو التعلم ودراسة التاريخ دون أن تطغى مرحلة على الآخرى الخطأ الذى وقعت فيه مصر الآن هو التركيز على الفترة ما قبل الفتح الإسلامى لمصر وساعدهم على ذلك الدعم الخارجى المتعدد الجوانب وكون الحضارة الفرعونية مصرية خالصة وبقاء أثارها شاهدة إلى اليوم , فأنا سأعاتبك إن عرفت سيرة تحتمس الثالث ولم تعرف سيرة الخليفة المأمون , سأعاتبك إن عرف تاريخ الأسرة الثامنة عشر ولم تعرف شيئا على تاريخ المماليك وهكذا .
بل الأكثر عندما تتخاطب مع بعضهم – ليس الكل – فستجده يرفض رفضا تاما لإدراج أى عناصر غير إسلامية ثم تجده فى أى مشروع, يتكلم عن الماضى المجيد لللإسلام وأقول أنه يزيف التاريخ عن جهل وربما لتعصب فهو نسى أن بلاط الأمويين لم يخلو من الأجناس غير المسلمة وأن الحضارة فى الدولة العباسية قامت على جموع علماء المسلمين واليهود والديانات
الأخرى جنبا الى جنب .
للمزيد نرجو قراءة المقال التالى