2009-09-23

رؤى اجتماعية (5) لغة التوازن ب

لغة التوازن


أريد أن أسأل كم منكم سمع شيخا يدعو للتأمل والإبداع برغم حث القرآن على ذلك فلا ترى إلا شيوخا معدودين على اليد الواحدة وإن تطرق فوق هؤلاء فلا يكون إلا بتفسر لآيات القرأن الكريم فعملية التعليم لدى أغلب المشايخ مختزلة فى كونها تعليم أساسى وجامعى وعلى إعتقاد بأنه لا داعى للتركيز على التعليم لأن الأسر مهتمية بتعليم صغارها ولكن لا تهتم تعليمهم بإمور الدين فكيف لهم بأن يتطرقوا إلى قضايا البيئة والتفكير العلمى وغيرها .
هم ملومون و معذورون فى نفس الوقت كيف تطلب من شخصا تقوقع داخل حى نطاق جغرافيته لا يزيد طوله عن 4 كيلو مترا طوال حياته لم يرى فيه نماذج للطموح الناجح النبيل , فكيف لهذا أن يصعد لياخطب الناس بأن يطمحوا وهو نفسه لم يشهدهه ولم يجربه .
وعندما تخبرهم بأن هناك من ترك كلية الطب والصيدلة و الهندسة وغيرها من أجل التدين والتوجه للدعوة ظنا منهم أنه يقومون بالعمل الأمثل لتغيير المجتمع على مراد الله , فلم تجد إلا نظرة تحمل التشكيك , فلما تسرد لهم أسماءا فيتهربون لموضوعات أخرى,كيف لمشايخ تخاطب الناس أن تغمض عينيها وتصم أذنيها عن قضايا مثل تلك لست ندا فى نقاش أبدا بل والعكس تماما أرجع للوتيرة الهادئة فى الحوار وإلى الصيغة التى يرحبون بها لإستخراج كل ما عندهم وحتى أكون منصفا فأنا تعلمت الكثير من مناقشتهم ما لم أتعلمه من مناقشة أحد غيرهم وأرتاح معهم أكثر مما أرتاح مع غيرهم و لله الحمد , وأقول لك إن أكرمت بملتزم حقيقى ومتوازن فى فكره فهذا أغلى ما يمكن أن تمتلكه خارج أهلك .
لماذا أرى هذا الفصل الكبير بين فقه العبادات وفقه المعاملات والنتيجة مظاهر التعبد إستشرت فى المجتمع دون تغيير ملحوظ فى المعاملات وعدم تقديس قيمة العلم و بالرغم أن العبادة هى أمر بين العبد وربه أما المعاملة فهى بينى وبينك ويثاب أو يجازى عليها من المولى عز وجل , ترى مثلا عدم الإلتزام بالمواعيد بل ومنهم من يقول نتقابل بالليل تبادر متى بالليل بعد العشاء لا تصح هذه اللغة لمشايخ يؤذنون ويقيمون الصلاة بالدقيقة كيف لمشايخ أن يغيروا عادات قوم هم مازالوا يعانون منها , ترى بعض منهم لا يتأخرون على موعد خطبة الجمعة وتسمع أسبابا لا حسر لها ولا حول ولا قوة الا بالله ,لماذا ترى سوء تصرف بعض المشايخ خاصة الشبان منهم فى مجال النظافة فلتجرب مثلا إعتكاف أخر رمضان لتشمئز نفسك من عدم النظافة مع العلم أنه مخالف للقران و السنة المحمدية والأمثلة من هذا القبيل لا تعد.
لماذا أرى تعصبا وقليلا من التدين لمرتادى الخطب الدينية فالتعصب أن ترفض الأخر أما التدين فهو أن تعبد الله بحق وتحترم الآخر ناهيك عن أن القران يقول لكم دينكم ولى دينى ولا إكراه فى الدين إلى آخر الايات ولا أريد فى هذا المقال الخوض فى الأيات , ولا أدل على ذلك عندما تدخل معهم بلغة حوار مختلفة فتتهم بأنك ليبرالى أو علمانى أو حتى ضللت عن الطريق الصحيح وما تسألهم وما هى الليبرالية فلا تكاد تسمع أجابة واحدة صحيحة أنا لست ليبراليا ولا علمانيا أنا تعريفى - مسلم مصرى ذكر اتكلم بلسان عربى - و إذا أجبت أنت على تلك العناصر الأربعة حسب ترتيبها فستعرف لما خلقت وما هو دورك فى الحياة .
بل منهم من يستشهد بماليزيا وعندما تصارحه بأن نظام دولة ماليزيا علمانيا يجن عقله بل ومنهم من ينكر , لان العاطفة مسيطره على أسلوب فكره وعلى حكمه على الأشياء .
ترى بعض المشايخ على أقل شىء تتخاصم وتتعنت لفهمها فهى سمة مصرية نظرا لعاطفية الفكر المنافية للمنطق والعقل- وسأسرد هذا فى مقال منفصل بعنوان شعب أسير العاطفة- ولا يخفى على أحد كم من المشاكل التى تعترى القائمين على إدارة المساجد بل أنى لا اتخيل أن هناك مسجد بلا مشاكل بين القائمين على إدارته .
أريد أن أسأل كم مرة سمعت شيخا يشارك مجتمعه بمناقشة مشروعاته القومية - بلاش الكلام الكبير دا - خلينا فى المشروعات الصغيرة بحيث يدلهم الى أفكار غير تقليدية كنشر الكتب إلكترونيا أو زراعة عيش الغراب أو تربية النعام ......الخ بحيث يكون أداة إصلاح حقيقية تمس حياة أخيه المواطن وهذا لن يتعارض مع الجهات الأمنية التى يتحجج بها بعض المشايخ .
كيف لبعض المشايخ أن يطمح للسفر بلغة العامة وبفكر مادى بحت وهو من ينادى بأعلى صوته من على المنبر إلى عدم النظر لملذات الدنيا والجرى وراء الحطام , فقد قام أحدهم ناصحا لأحد الراغبين فى السفر لدولة خليجية فيقول له هتعيش هناك فى فيلا تكفى عشرات الأسر , وهيكون ليك عربية فخمة من العربيات السودا الطويلة وكمان مرتب تبنى بيه مستقبلك مش انت بس وكمان أهلك واقاربك وما تنساش الزيادات من تعليم القرآن ....الخ هل هذه أولويات لشيخ, لا مانع إطلاقا من السعى وراء الرزق وأن يعيش فى مستوى لائق يكفل له كرامته لكن يجب أن يكون الإهتمام الأول أن ينصب على مدى إفادة الناس هناك ومدى قدرته على التواصل معهم, هل سيتعلم ويزيد إلى رصيده العلمى ...الخ ثم يأتى التفكير فى الجانب المادى ,وللأسف تجد البعض هكذا ولكن أيضا ترى شيوخا عظماء سافروا ليس إلا لشىء واحد هو التعلم بل رجعوا بمديونية مادية وفى جعبتهم رصيد هائل من العلم.
لماذا أرى هذا الهوس لدى بعض المشايخ فى التكلم عن السحر والشعوذة إلى آخره من الغيبيات والمعروف علميا ما وراء الطبيعة حتى أورثوا المجتمع خوفا من ظله وإعتقادا أن كل شىء سببه السحر والحسد إلى أخره , ويظل المواطن فى حلقة مفرقه من الضياع النفسى وما يهمنى هنا هل هناك سحر و حسد نعم هناك وأؤمن بهذا فكيف نتقى تلك الأشرار فهذا هوما يهمنا واذا قرآنا القرأن فستجد على ما يدل من وجود الحسد والسحر وكيفية الوقاية أما أن أشغل رأسى به فى كل لحظه بهذا شبيه بالفيروس الذى يطبع على كل ملفاتك فيجعلها معطلة وينسف أى موهبة أو إبداع.

لمزيد من القراءة نرجو قراءة المقال التالى

هناك تعليق واحد:

  1. وربما نظر البعض إلى ظاهرة التشدد كنتيجة حتمية لانغلاق ثقافي. ففي فترة طغيان المفاهيم الوطنية على مناهج التربية والتعليم، تم إلغاء مواد كثيرة في التاريخ والجغرافيا وغيرها من المواد التي تتحدث عن حضارات الآخرين وإنجازاتهم الثقافية، بما في ذلك تاريخ عصر النهضة في القارة الأوروبية. وحلّت محل هذه المواد، مواضيع أخرى تتطرق إلى تاريخ البلاد نفسها وعالجت الموضوع وكأنما أصبحت تلك البلاد صومعة لا تدخلها أية فكرة جديدة ما لم تنتمِ إلى كيانها الفكري أو الوطني.
    ورسمت هذه الصورة الخاطئة في أذهان الناشئة في وقت كانت البلاد العربية تموج بالسلع القادمة من كل مكان وبالبشر الذين يفدون للعمل، خاصة في البلدان الخليجية، ويمارسون أعمالهم بكل حرية دون النظر إلى دياناتهم ومذاهبهم وأعرافهم.
    وهكذا أصبح الطالب يعيش حالة من الانفصال بين ما يتعلمه في المدرسة من خصوصية ثقافية وحضارية، وبين واقعه المعيش في تداخله اليومي مع أفراد ينتمون إلى مختلف الشعوب والحضارات.
    من ناحية ثانية، فإن التركيز على زرع الوطنية في نفوس الناشئة قد خلق لديهم شعوراً زائفاً بالتعالي على الآخرين، وانتقل هذا الشعور ليعمق من الإحساس بالانغلاق النفسي الذاتي لدى هؤلاء الشباب، الذي ترجم على أساس الاعتداد بالذات، ورفض أي تغيير أو تبديل في الواقع المعيش، وكذلك رفض أية قيمة قادمة من خارج الحدود، حتى لو كانت قيمة إيجابية.

    وانتهزت ثلة من أنصاف العلماء مثل هذا الميل نحو التشدد الديني، حيث بدأت تنشر في صفوف الشباب مقولات شبه دينية تحرّض على الآخر وتدعو إلى كرهه وتجنب معاشرته، إذا ما كان ينتسب إلى ديانة مختلفة، ووصل الحدّ بهم إلى منع تحيته، أو تهنئته بأعياده الدينية أو القومية. وفي معمعة انغلاقهم الثقافي جنحوا إلى تحريم أي عادة جديدة أو عرف مستحدث. فلفترة طويلة كانت الدول العربية تحتفل بأعيادها الوطنية التي ترمز إلى تاريخ استقلالها، أو توحيد كياناتها المتفرقة. وظهر نشاز جديد يرى أن مثل هذه الاحتفالات لم يرد نص قرآني أو حديث شريف يدعو أو ينص على إحياء ذكراه والاحتفال به. ومن ثم فهي في رأي بعض هؤلاء الفقهاء الشباب، ليست سوى ضرب من ضروب البدع. ونسي هؤلاء أن مفهوم الدولة العصرية الحديثة واستقلالها ما هو إلا مفهوم طارئ على التاريخ البشري، ومن ثم فإن الاحتفال به يعد استحداثاً لذاكرة جماعية جديدة انبثقت من رحم ظاهرة جمعية حديثة تختلف بصورها ومعانيها عن التجمعات القبلية القديمة، التي كانت احتفالاتها يسيرة ومحدودة.

    ردحذف