2009-11-21

الرياضة الكروية والمصلحة الوطنية الجزائرية 1.2


الرياضة الكروية والمصلحة الوطنية الجزائرية


فى البداية أود أن أعلن عن أسفنا وحزننا نحن المصريين خاصة والمسلمين عامة عن السلوكيات المشينة والغير مسئولة من قبل الجماهير الجزائرية المشجعة لكرة القدم , وعن التصرف الغير مفهوم والغير مبرر من جانب السلطات الجزائرية عن نوعية المشجعين الذين تم إختيارهم ونقلهم إلى السودان والذى يسىء إليها بشكل صارخ.
كما أن ذلك الحدث وتبعاته كشف عورات الكيان العربى والذى كان يحاول جاهدا موراته عن أعين العالم .
ولكنى لست بصدد سرد تلك السلوكيات المتدنية والغير متحضرة , وإنما سألقى الضوء على خطورة ذلك التصرف على الجانب الجزائرى .
فالجزائر بلد ذو أغلبية مسلمة , كما إنه شقيق لنا بحكم التاريخ والنسب والدين واللغة , وبالتالى فالجزائر المتحضرة القوية تعنينا كما تعنى أى مسلم غيور على أمته .
وقد إمتد التعاون بين مصر والجزائر فى حرب التحرر وحرب أكتوبر وغيرها من المواقف المشتركة التى نفخر بها , وإذا فتشنا فى علم الأجناس علمنا أن مواطنى محافظات غرب الدلتا المصرية لهم أصول مغربية و جزائرية والتى نشطت عبر المد الصوفى المغاربى , أما عن وحدة الدين واللغة فهى شىء يوحد ولا يفرق, ويجب على الجانب الجزائرى ألا ينسى أن من مد يد العون فى تعلم الدين وإعادة إحياء اللغة العربية هم المصريين وحديثا فقد تبنت مصر على تركيز إستثماراتها فى الخارج فى بلدنا الشقيق الجزائر حتى أصبح أكبر مستثمر خارجى على أرض الجزائر بما يزيد عن 6 مليارات دولار والتى يعمل بها ما يزيد من 35 ألف عامل وموظف جزائرى أى 35 ألف أسرة , ولا نقول هذا من أجل المن حاشى لله وإنما لتوضيح الحقائق التى غابت عن إدراك بعض الجزائريين .
إن ذلك التطور فى العنف المصدر من الجماهير الجزائرية والممتدة منذ ما يزيد عن العقدين من الزمان أمر خطير ويفرض أسئلة صعبة على علماء الإجتماع والمهتمين بالشأن الإسلامى خاصة بعد تصدير ذلك العنف إلى دول عدة مثل فرنسا وسويسرا والتى إقيمت فيها بعض قوانين الطوارىء لمواجهة عنف هؤلاء المهاجرين.
وكم تمنيت من أن يرتفع صوت العقل من خلال قرار جرىء وصعب ربما يفقد الكثير من تعاطف الجماهير ولكنه سوف يحافظ على وحدة الصف العربى المتداعى من خلال قرار جمهورى جرىء وقوى بتنازل مصر عن الفوز للمنتخب الجزائرى ولكنه سوف يحفظ ويصون وحدة الصف العربى المتهالك حتى وإن فهم الأخر على أنه ضعف فالتاريخ يمجد الحكمة, فلا أزمة تحدث دون مقدمات وعلى قدر إدراك تلك المقدمات بقدر ما يكون القرار السليم فى الوقت الصحيح ,وزاد هذا الصوت إلحاحا بعد فوز مصر بالقاهرة التنازل عنه فى مباراة الخرطوم ولكن الحمد لله على كل شىء.
تضرر الإستثمارات الأجنبية بالجزائر :
وبالتالى فإن الخوف كل الخوف بأن ما حدث للإستثمارات المصرية سيجعل أى مستثمر يفكر ألف مرة عن عواقب قرارته وبالتالى فإن الجزائر سوف تفقد الكثير والكثير خاصة إذا علمنا أن الجزائر يعيش فى ظروف إقتصادية وإجتماعية سيئة كما أن هناك تصور أخر من حيث رغبة بعض القيادات فى طرد الإستثمارات المصرية لإتاحة إحتكارات لبعض رجال الأعمال الفرنسيين المعرفين . .
الإنقلاب على النظام الحاكم :
إن الصمت من قبل النظام الجزائرى على تمرد فئات من المجتمع بهذا الشكل فى مجال الأمن الجماعى و الكرة وحاولة كسب الجماهير من خلال مجاراة أهوائه , فإنه سوف ينقلب عليها والتاريخ يشهد لذلك إنظروا لتجربة اليمن ولبنان والعراق وستدركون خطورة ذلك التطور فى الشخصية الجزائرية والمنطق التى تسير من خلاله زمام الأمور فى الجزائر خاصة مه هشاشة النظام الحاكم وتصارع الأجنحة العسكرية, ولكن مثل ذلك الإنقلاب لن يأتى سلسا وإنما بحيرات من الدم وحطام للأخضر واليابس وستضيع تلك الوردة الجميلة التى تعانى وتصرخ .
نظرة المجتمع الدولى للجزائر :
فأكثر المتضررين هم الشعب الجزائرى والجاليات الجزائرية والذى أعلم كل العلم أن غالبية الشعب من الفئات المحترمة والتى ترفض ذلك التمرد الغير حضارى .
الإعلام الجزائرى المغرض :
كيف لأربع جرائد هامشية لا تزيد مبيعاتها عن 200 ألف نسخة يومية أن تتصدر فى تنفيذ الأجندة الخلفية والتى تدور حولها كثير من الإستفهام , والأهم كيف للمجتمع الجزائرى أن ينهم وراء الإشعات المغرضة حتى ترتفع مبيعات تلك الصحف إلى ما يزيد عن 2 مليون نسخة يومية.
نوعية الشعارات والإداعاءات :
وهذا يلقى أسئلة كثيرة عن المنطق الذى غاب عن الفكر الجماعى فكيف للعقل المتحضر أن يشير للسحر الإسود على أنه المسير للأمور وتشبيه المصريين على أنهم يهود الجدد وأن إستاذ القاهرة قطعة من تل أبيب وإداعاءات الفريق والتركيز عليها , بل إمتد لأكثر من ذلك للإيقاع بين السودان ومصر عبر التعبير أن مصر تتعامل مع السودان بمنطق السيد والعبد وغيرها من الكلام المؤسف .
بل رأت العديد من القوى أن نوعية المشجع الذى تم تسفيره للسودان هو مخطط صهيونى للإيقاع بين البلدين السودانى والمصرى , من خلال حدوث مجزرة للمصريين على أرض السودان وعدم التحرك الأمنى السودانى بالشكل الصحيح وهذا بالطبع سيصب فى قضايا عدة لصالح إسرائيل من خلال إبعاد الجانب المصرى عن قضية إنفصال الجنوب ودارفور وحوض النيل والعلاقات المستقبلية.
ولا يمكن تفويت ذلك من قبل إسرائيل لتعلن تضامنها مع الشعب المصرى ذد العربجة الجزائرية بنفس النص , فتتشد وسائل الإعلام المختلفة الجزائرية وبعض العربية على تواطؤ الشعب المصرى مع الشعب الإسرائيلى .
أشعر والله بالخذى بينما أكتب هذا المقال فكيف لمباراة أن تضع علاقات دولتين كمصر والجزائر على المحك , والأصعب أن كل طرف متمسك برأيه , وأن الجانب المصرى يرى أنه أهين بشكل فاضح فى السودان جراء سلوك الجماهير الجزائرية , وعليها فإن الرد يجب أن يكون قويا , متخلين عن الدور الأبوى الصامت إتجاه العرب الذى كانت تنتهجه طوال الفترة الماضية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق